
دوّر يمكن تلاقي

الجمعة، ٢٩ أغسطس ٢٠٠٨
فيرتيجو.. البساطة و الإثارة و المتعة

الثلاثاء، ١٩ أغسطس ٢٠٠٨
حرف الغيم
منذ فترة طويلة أفكر في كتابة هذا الموضوع، فإذا وليت وجههي شطر السقف (بمعنى أني نائم على ظهري) أفكر كيف أبدأ الموضوع و كيف أتناوله.. و إذا ركبت المواصلات، تغاضيت عن رائحة العرق و الزحام و التلاحم البشري الرهيب و أخذت أفكر متى أبدأ في كتابة هذا الموضوع، الذي لا أعتقد له أهمية كبرى في حياتنا..
و هو موضوع حرف الجيم..
حرف الجيم - بدون تعطيش إذا سمحتم - إذا جاء في الإنجليزية عبر كلمات مثل (شيكاجو) أو (لاس فيجاس) تحول إلى ما شاء إلى حرف ( غ ) عجيب الشكل، فتصبح (شيكاغو) و (لاس فيغاس).. هذا طبعًا حينما تتم الترجمة في الشام، بينما تكون كل الأمور طبيعية حينما تكون الترجمة في معامل أنيس عبيد..
و قبل أن أقرر كتابتي لهذا الموضوع، كنت أقرأ في كتاب (ضحكات صارخة) لكاتب ساخر كبير و عظيم، للأسف الشديد لا يعرفه الكثيرون من الشباب هذه الأيام، و إن كان يعرفه كل من يقرأ لد.(أحمد خالد توفيق)، و هو الأستاذ (محمد عفيفي)..
الكتاب عبارة عن مقالات مجمعة ساخرة جدًا، و بداخلها كان هذا المقال المعنون بـ: (الحرف المظلوم)..
و بعد سطرين من القراءة، اتضح أنه نفس الموضوع الذي كنت أود كتابته.. و قرأت المقال كاملا و تشربته حرف حرف، حتى انتهيت و على وجهي ابتسامة كبيرة، و كطعادتي وليت وجهي صوب السقف و قلت:
- مبقاش في لازمة لموضوعي دلوقتي.. بس المقال ده لازم أنزله في المدونة..
و هكذا عزمت النية على تنزيل المقال الجميل للرائع (محمد عفيفي)، و التعليق لكم في النهاية، و أتمنى أن تستمتعوا به كما استمتعت به مع مراعاة الفارق الزمني بين ما كتبه و هذه الأيام، و لنر هل حرف الجيم حرف مظلوم فعلا أم لا..
" هناك أسباب كثيرة للخلاف بين العرب و إسرائيل، و ربما كان من بينها أنهم - العرب - لا يعرفون قادة إسرائيل. فقد ظلوا سنوات عديدة يختلفون مع رئيس إسرائيلي يسمونه بن غوريون، غير عالمين أن اسمه الحقيقي بن جوريون. ثم بدأوا يختلفون مع رئيسة وزراء إسرائيلية اسمها غولدا مائير، غير عالمين - أو متجاهلين - أن اسمها جولدا لا غولدا. و بالأمس كنت أقرأ جريدة عربية فظننت مدى لحظة أن مستر بيجين قد استقال من رئاسة الوزارة، إلى أن تذكرت أن مستر " بيغين " هو الاسم الذي يطلقه العرب على مستر بيجين.
و لقد سألت بعض الكتاب و المثقفين العرب الذين قابلتهم عن السر في هذا الموقف العدائي من حرف الجيم، فقالوا لي أنه ليس موجودًا في اللغة العربية، و إن الجيم الوحيدة التي يعترفون بها هي الجيم المعطشة، كما في جاكتة و بيجامة و أباجورة. و على هذا الأساس - عبر أجيال متعاقبة من الترجمة و التأليف و الإعلام - عكفوا على تحويل كل حرف جيم يقابلونه إلى حرف غين، بقصد القضاء المبرم على هذا الحرف الدخيل على اللغة العربية.
في الجغرافيا تحولت يوجوسلافيا - على سبيل المثال - إلى يوغوسلافيا، و تحولت عاصمتها بلجراد إلى بلغراد. و امتلأت الأطالس بكلمات مثل بلغاريا و البرتغال و ليننجراد، في حين أن أهل هذه الدول ينطقونها و يكتبونها بالجيم لا بالغين، و ربما كانوا لا يعرفون حرف الغين أصلا. فلما وصلوا إلى إنجلترا - و كانت وقتها إمبراطورية عظمى - خافوا أن يحولوها إلى " انغلترا " و اكتفوا بتحويلها - توقيرًا لها و تخلصًا من حرف الجيم - إلى إنكلترا؛ كما حولوا الإنجليز إلى الإنكليز ! ثم حطوا همهم في بعض مدنها مثل جلاسجو و برمنجهام، فحولوهما إلى غلاسغو و برمنغهام ! و قصرها الملكي حولوه من بكنجهام إلى بكنغهام، و توقيتها حولوه من جرينتش إلى غرينتش،و ساعتها الشهيرة حولوها من بج بن إلى بغ بن !
و في التاريخ و الأدب تحول ديجول إلى ديغول، و جاريبالدي إلى غاريبالدي، و جوته إلى غوته، و جوركي إلأى غوركي، و لست واثقًا - للصراحة - إذا كان أهل الهند ينطقون غاندي بالجيم أو بالغين.
و حتى في السينما تحول جاري كوبر إلى غاري كوبر. و كلارك جابل إلى كلارك غابل، و حتى الوحش المهيب كنج كونج سخطوه إلى كنغ كونغ !
و قد قلت لهؤلاء المثقفين العرب: لنفرض يا سادة أن حرف الجيم غير المعطشة غير موجود في اللغة العربية (و أنا شخصيًا لست واثقًا من ذلك تمامًا) فما العيب في أن نثري لغتنا بحرف جديد نضيفه إليها ؟!
بأي حق يا سادة تحكمون بالإعدام على حرف موجود و متداول نطقًا و كتابة في جميع اللغت العالمية ؟! و لماذا اخترتم حرف الغين بالذات لكي تضعوه مكان الجيم، لنجد أنفسنا أمام تلك الكلمات المضحكة مثل غريغوري بيك و غريتا غاربو ؟!
فلما سمعوا الأسئلة صمتوا و وجموا و بلموا، و بعضهم شحب وجهه و ابتلع ريقه بصعوبة، ثم غيروا مجرى الحديث إلى موضوعات ليس فيها حرف جيم غير معطشة.
و أنا بالطبع لا أقول هذا الكلام تعصبًا للجيم غير المعطشة أو كراهية للجيم المعطشة، و إنما لأنني مصاب طول عمري بعادة قد تكون رديئة و هي أنني أحب أن أسمي الأشياء بأسمائها.
و يا عزيزي المثقف العربي أرجو ألا تكون قد زعلت مني، فأنا لا أهدف إلا لخيرك.. اتفضل " سيكارة " و " كنغ " سايز كمان ! "
إلى هنا ينتهي مقال أستاذ محمد عفيفي، الغميـ... إ.. الجميل و الذي لا أجد لدي ما أكتبه أكثر مما قاله.. و إن كان لي تعليق حول استخدامنا لتلك الكلمات، بالرغم من أنها تنتشر في بلاد الشام و المغرب على ما أتذكر..
ففي مصر لا يكترثون للجيم المعطشة أو غيرها، و مع ذلك فهناك استخدام لها.. فدولة البرتغال ننطقها البرتغال حتى الآن، و لن أتمكن من استساغتها لو كانت (البرتجال) بل سأتذكر على الفور أقاربي في الصعيد و هم ينطقون البرتقال و ..... إلخ
كذلك يوغوسلافيا.. لن أنطقها يوجوسلافيا بضمير مرتاح إطلاقًا، و سأظل حاملا لشعور كبير بالذنب كلما قلها يوجوسلافيا، ناهيك عن شيكاغو التي هي شيكاغو حتى الآن، على الرغم من صدور رواية الأستاذ (علاء الأسواني) المعروفة (شيكاجو) !!
و الحمد لله أن لاس فيجاس معدولة بعض الشيء و إلا صرنا في أزمة مع ولاية أندية الملاهي و القمار الرئيسية في أمريكا..
أما اللعبة القتالية الشهيرة (كونج - فو) فلا زالت تكتب حتى الآن في أندية كثيرة (كونغ فو).. رغم أن نطق أبناء الصين لها هو الأول، و لعمري فهو الأسهل على اللسان..
و هذا يعني أن استخدامنا لها صار حسب التعود.. و لم تعد هناك منهجية معينة للتعامل مع تلك الكلمات.. فالأصل في مصر هي كتابتها جيم كما هي، و مع ذلك نجد من ينطق و يكتب الحرف (غين) كما تعود.. و هو أمر - فقط - مثير للارتباك كما ذكرت في مثال (البرتغال) التي يجب أن نكتبها في مصر هنا (برتجال).. على الرغم من شكلها غير المعتاد للعين !!
لهذا سأترككم الآن لعل و عسى تكون التعليقات لديها فكرة أكبر عما أتحدث عنه، و أذهب لإكمال (غيم) كمبيوتر شيقة !!
لمزيد من المعلومات عن الكاتب الساخر (محمد عفيفي) يرجي زيارة مجموعته على الفيس بوك:
الأحد، ١٠ أغسطس ٢٠٠٨
إتش دبور
