هذه أول تدوينة في العام الجديد.. أول تدوينة عن العام الجديد..
يمكن اعتبارها خواطر عن كل الذي مضي في العام الذي انصرم منذ أكثر من اثنتي عشرة ساعة.. وعن كل الذي ينوي أن ينصرم في الاثني عشر شهرًا القادمة..
يمكن اعتبارها خواطر عن كل الذي مضي في العام الذي انصرم منذ أكثر من اثنتي عشرة ساعة.. وعن كل الذي ينوي أن ينصرم في الاثني عشر شهرًا القادمة..
*************
كبداية لا يمكنني نسيان أو تناسي إخواننا في غزة، وما يتعرضون له من قتل وتدمير على يد الصهاينة أحقر مخلوقات الأرض، والتي تفوقت على نفسها في السفالة والدموية.. لا يمكنني نسيان إخواننا في غزة، وما يتعرضون له من صمت عربي مُهين.. وإن تحدثت عن الصمت العربي فأنا لا أتحدث عن صمت الشعوب العربية، بل على صمت الحكومات العربية.. الصمت السياسي التي لا يوجد ما يبرره.. على رد الفعل المصري الرسمي الذي لا يمكن تفسيره إلا بالتواطؤ.. لا يمكنني نسيان إخواننا في غزة الذين استقبلوا هدايا السنة الجديدة محملة على رؤوس الصواريخ والقذائف والرصاص.. لا يمكنني نسيانهم وقد استقبلوا السنتين الجديدتين الهجرية والميلادية، فلم يفرق الموت بين مسلم ومسيحي.. لم تفرق القذائف الإسرائيلية بين طفل ورجل، أو بين شيخ وامرأة.. لا يمكنني نسيانهم ولا يمكن لأحد أن يفعل.. لذلك أدعو الله أن ينتهي العدوان عليهم.. يتوقف الحصار.. تتخذ الحكومات العربية مواقف حاسمة بعيدًا عن الشجب والتنديد والرفض وهذه الأشياء التي تحرق الدم العربي أكثر مما هو محترق..
وإن نصرْنا الله فإنه تعالى سينصرنا وسيثبت أقدامنا.. لكن علينا أن ننصره أولا..
***********
على المستوى الشخصي حمل عام 2008 لي الكثير من الأحداث.. منها الأحداث السعيدة والتي لا يمكن بأية حال أن أتغاضى عنها وأجعلها تنزوي إلى جوار أحداث أخرى غير سعيدة لا أحب أن أتذكرها أو أذكرها أو أجعل لها وجودًا..
بدايته مثلا كانت بداية سعيدة جدًا بالنسبة لي.. حينما صدر لي في الثالث والعشرين من يناير بمعرض القاهرة الدولي للكتاب عن دار ليلى للنشر والتوزيع، أول كتاب يحمل اسمي على غلافه بالمشاركة مع اسم صديقي العزيز د. محمد الدسوقي، وهو الكتاب الساخر (حوار عواطلية)، والذي لاقى نجاحًا جيدًا بالنسبة لمن ينشر كتابه للمرة الأولى..
هذه البداية التي وضعتني على بداية الطريق لتحقيق حلمي الأثير بأن أكون كاتبًا..
أما نهايته فقد حملت لي مفاجأة سارة - على المستوى الشخصي أيضًا - بانتهاء مرحلة الدراسة الجامعية التي طالت كثيرًا جدًا، نعم لم تأت النهاية مباشرة، ولم تكن سهلة، بل وكادت أن تنقلب إلى أهم حدث كارثي في العام المنصرم.. لكنها أتت والحمد لله..
وأعتقد أن هذين الحدثين يعتبرا أهم ما حدث لي في العام السابق، بغض النظر عن عودتي لشرب جهينة مِكس بالشكولاتة مرة أخرى، بعد فترة توقف طويلة.. والذي أعده من أفضل ما حدث لي في 2008 وإن كنت لا أعرف هل سأتوقف عن ذلك قريبًا مرة أخرى أم لا..
تعرفت إلى العديد من الأصدقاء الجدد في هذا العام، والعجيب أن المرء كلما تقدم في العمر ظن أنه لن يجد أصدقاءًا جدد.. لكن هذا الظن يخيب كثيرًا.. هناك من تعرفت إليهم وودت لو كان تعرفي هذا أتى مبكرًا.. وهناك من عرفتهم وندمت على ذلك.. لكن الحالة الأولى هي السائدة في هذا العام..
عام 2008 مر كلمح البصر.. لكنني حين أجلس لأتذكر وقائعه فأجدها كثيرة جدًا.. وهناك ما أشعر أنه حدث منذ قرون، لأكتشف أنه حدث في نفس العام..
في هذا العام احترق مجلس الشورى.. واحترق حزب الغد.. واحترق المسرح القومي.. حتى أضيف لقبًا جديدًا لمصر إلى جوار المحروسة والمهروسة والمخروسة.. ألا وهو مصر المحروقة..
في بداية هذا العام فاز المنتخب المصري بكأس الأمم الأفريقية، وفي نهايته عاد الأهلي من كأس العام للأندية في اليابان بالمركز السادس..
في هذا العام انهارت الصخور على أهالي الدويقة في رمضان لتدفنهم أحياءًا وأمواتًا..
في هذا العام حدث إضراب 6 أبريل الذي شاركت فيه ويئست بعده.. وإضراب 4 مايو الذي لم أشارك فيه، ولم يكن بنفس قوة إضراب 6 أبريل بعد العلاوة الطحينية الثلاثينية في المية التي أنعم بها الملك على رعاياه، قبل أن تنعم عليهم الحكومة بالأسعار الروعة والنار..
في هذا العام نال ممدوح إسماعيل صاحب عبارة الموت الحكم بالبراءة.. ليخرج لسانه إلى الجميع، وتهتز ثقة الجميع بالقضاء النزيه الذي كان خط الدفاع الأخير للبلد..
في هذا العام يدخل إلى قفص الإجرام وجه جديد يدعى (هشام طلعت مصطفى) المتهم بتحريض ضابط أمن الدولة (محسن السكري) على قتل المطربة اللبنانية (سوزان تميم) في قضية غريبة لا تعرف حقيقتها ولا سر التفاعل السريع معها من جهة الحكومة والقضاء.. الأمر الذي يراه الكثيرين نتيجة لوقوع الجريمة في دبي.. يعني من الآخر: حكومة تخاف متختشيش.. والدليل على ذلك قضية مقتل ابنة ليلى غفران والتي لا تزال تترنح بين الحقيقة والخيال.. تترنح بين قاتل معترف بجريمته، لكنه يبدو مجبرًا على قول هذا.. بين غموض وحقائق تتغير كل دقيقة..
في هذا العام ينقطع كابل الإنترنت البحري قبالة سواحل البحر المتوسط في أواخر يناير 2008 لتغرق مصر في عصر الظلمات وانقطاع تام عن العالم الخارجي، تتجمد الأعمال المعتمدة على الإنترنت.. ويحدث شلل في كل شيء.. لكن في نهاية العام يعود الكابل للانقطاع مرة أخرى ويحدث نفس ما حدث المرة السابقة.. شلل وتجمد وانقطاع وظلمات..
في هذا العام يتحقق فيلم عايز حقي لهاني رمزي، وتقدم الحكومة مبادرة جديدة لبيع صكوك وأسهم الدولة للمواطنين.. وهو شيء لا يصدقه عقل، وأراه بشكل شخصي خطوة غير حكيمة مطلقًا، ولا أريد أن أخوض في نظرية المؤامرة لأخرج برائحة خبث من هذا الكلام، وما قرأته حول أن المواطن سيضطر لبيع الصك الذي يملكه أمام ضغوط الحياة، وبالتالي سيكون المُشتري جاهزًا، هكذا تكون البلد قد بيعت برضى المواطن، وليس عن طريق الحكومة..
في هذا العام فاز د. نبيل فاروق بجائزة الدولة التشجيعية في مجال الخيال العلمي، ورغم أنها جاءت متأخرة جدًا، وكان الأولى به الجائزة التقديرية، إلا أنه أمر يستحق الفرحة والحفاوة البالغة، كاعتراف بأدب الخيال العلمي، وعقبال أدب المغامرات والرعب..
في هذا العام يصدر الحكم بحبس صحفيين منهم إبراهيم عيسى في القضية المعروفة بصحة الرئيس.. وهو نفسه العام الذي أصدر فيه الرئيس الإنسان قراره بالعفو عن إبراهيم عيسى وإلغاء حبسه.. أمر غريب ولا يحدث إلا في مصر طبعًا..
في هذا العام انتشرت شائعة ارتفاع أجرة المأذون قبل شهر أغسطس تقريبًا.. ليهرع الجميع - ممن يرغبون الزواج طبعًا - ويتمموا إجراءات الزواج خوفًا من دفع الأكثر إذا تأخروا.. ثم يكتشف الجميع أن لا شيء من هذا صحيح.. وهو نفسه العام الذي شهد قانون الفحص الطبي للمتزوجين.. القانون الذي يلزم أي زوجين بإجراء فحوصات طبية قبل الزواج ليتأكدوا من خلوهما من الأمراض وقدرتهما على الإنجاب، وكأن الشباب ناقص..
في هذا العام أصبحت عربة السيدات هي العربة الأولى بعد أن كانت الوسطى في ترام الإسكندرية.. وهو حدث جدير بالتسجيل لأنها لأعوام كثيرة تخطت السنوات العشر كانت في العربة الوسطى..
يا نهار أزرق ده العام ده مزدحم بشكل..
في هذا العام فاز أول أسود - هو أسمر للدقة - بانتخابات الرئاسة الأمريكية وهو (باراك أوباما) بعد أن سحق منافسه (جون ماكين) الذي لم يكن يبدو شكله كرئيس إطلاقًا ولم أبتلعه طوال فترة الانتخابات.. وهو الحدث الذي يعتبره الأمريكيون ثاني أهم حدث بعد هبوط نيل أرمسترونج على سطح القمر..
في هذا العام أيضًا تلقى الرئيس الأمريكي الذي سيغادر البيت الأبيض بعد شهر محملا بملايين القلل (جورج دبليو بوش) هدية الوداع من الصحفي العراقي (منتظر الزايدي) عبارة عن فردتي حذاء عنقوديتين لم تنجح ولا واحدة منهما في إصابته، لحرص الرئيس بوش على مشاهدة فيلم ماتريكس بشراهة طوال فترة رئاسته، وهو الحدث الذي هللت له الجماهير العربية من المحيط للخليج وباركه العديد من الصحفيين والجهات السياسية وإن كانت الجهات السياسية قد باركته بشكل غير مباشر..
وكان الختام هو الهجوم الدامي على غزة..
الله يرحم أيامك يا 2008 ولا يعيد منها ربعها حتى.. إيه كل ده؟ ده مفيش حاجة عدلة..
لكن بالرغم من كل ده، لسه في أمل.. إذا كنا شايفين الدنيا سودة، فلا يمكن هتفضل سودة على طول.. ومش من حقنا نقول للي جاي بعدنا أن الدنيا سودة.. لازم نحسسهم أن لسه في أمل عشان يقدروا يعملوا حاجة ويغيروا حاجة.. كفاية لما نلاقي حد من اللي قبلنا بيقولنا: أنتوا هتعملوا إيه ده أنتوا جيل مش باين له شمس.. أو أنتوا هتقدروا على إيه دي أيامكوا أسود من قرن الخروب .. يا ترى بعد ما نسمع الكلمتين دول هنلاقي جوانا نفس نعمل حاجة؟
وبالرغم من ده لازم نعمل..ولازم نغير نفسنا عشان يتغير اللي حوالينا.. متبصش لغيرك وتقول هو ليه مش بيعمل.. ابدأ بنفسك واعمل.. وواظب على اللي بتعمله.. متزهقش لما تلاقي نفسك أنت اللي بتعمل كده لوحدك.. متقولش خلاص طالما هي كده يبقى مش عامل.. خلي نفسك طويل.. وخلى عملك نابع من إيمانك بيه..
أي نعم 2008 فوق متسرش لا عدو ولا حبيب.. أو ممكن تسر العدو شوية.. لكن ده ميمنعش أن 2009 تكون أحسن.. وده مش معناه برضو أن 2009 هتكون أسوأ..
من ناحية الحكومة فاسمحولي أنسى كل اللي قلته في السطرين تلاتة اللي فاتوا وأقول لأ بقى أيامهم الجاية أسود من اللي فاتت.. هما ما شاء الله معندهمش منحنى صاعد غير منحنى سرعة خراب البلد.. وبيتنافسوا إزاي يعكروا صفو المواطن المصري.. وأنا مش متوقع منهم حاجة في 2009 غير المزيد من الـ..... والـ........ وبس..
أنا كشخص مش بحب الأرقام الفردية.. يعني تسعة ده رقم مش ظريف.. بس أنا مش بتاع تشاؤم عشان مفيش تشاؤم في الإسلام.. وعشان كده بأتمنى أن تكون 2009 سنة كويسة.. سعيدة.. تعدي على الناس بهدوء.. تتحسن فيها أحوال الناس.. يتفك الحصار عن غزة ويتوقف شلال الدم اللي بقى فوق أرضها.. أتمنى يبقى في موقف عربي رسمي واحد ماشي مع الرأي العام.. بلاش أفرط في التفاؤل وأقول مواقف رسمية عربية لأن كده هأبقى خيالي ومش واقعي..
ويارب.. تكون أيامنا كلها أحسن من اللي قبلها دايمًا..
وكل سنة وأنتم طيبين.. بالهجري والميلادي..
هناك ٥ تعليقات:
كل سنة و انت طيب يا عمرو
تدوينة جميلة جدا
شكرًا يا إيهاب رأيك أسعدني جدًا
وكل سنة وأنت طيب :)
كل سنة وانت طيب يا مبدع
وعقبال الكتاب الأربعين
والسنة دى ان شاء الله احلى
من أجمل ما قرأت لك يا عمرو
سنة تانيه مرت على معرفتنا يا صديقي
مكنتش زي الاولى
مكنش فيها ضحك وخروج وقعدة زي الاول
بس اهي سنه عدت بحلوها ومرها
يا رب السنه الجايه المر يخف والاحلى يكتر
كل سنه واحنا كلنا طيبين يا حامل شعلة الضحك والتهييس
كل سنه وانتا طيب يا عمّور
وكل سنه والعيال اخواتك طيبين سلملي عليهم جدًا اوي فعلا
ويا ريت نشوفكم قريبًا في المعرض بقى
أختي العزيزة والكاتبة اللامعة ولاء الشملول:
سعيد جدًا بوجودك ويارب تكون السنة دي أحلى..
شكرًا ليكي جدًا :)
أخي محمد جميل:
إن شاء الله السنة دي نتقابل أكتر ونضحك أكتر إحنا ورانا إيه.. بس قول دايما يارب :)
سلامك وصل لإخواتي وبيسلموا عليك جدًا وعاوزين يشوفوك :) وبإذن الله نتقابل في المعرض..
شكرًا ليكم كلكم :)
إرسال تعليق