يوم الخميس الماضي 2 ديسمبر 2010 تم الإعلان عن الدولتين المنظمتين لبطولتي كأس العالم 2018 و2022 إن شاء الله وإذا كان لنا عمر، وكان التنظيم من نصيب روسيا وقطر على التوالي، إلى هنا والأمور جيدة جدًا، دولة عربية شقيقة فازت بتنظيم كأس العلم لتصبح أول دولة عربية توكل لها هذه المهمة طوال تاريخ كأس العالم كله، وقد ذهب أمير قطر بنفسه إلى هناك ليقدم الملف القطري ويدعم هذ المطلب القومي.
لكن المفاجأة كانت مع الفيلم التسجيلي التي عرضته قطر ضمن ملف الاستضافة المُقدم إلى الفيفا، والذي تضمنت مشاهده فقرة لطفل إسرائيلي يتحدث عن تمنياته لقطر بالفوز؛ ليرى منتخب "بلاده" بجوار المنتخبات العربية "الشقيقة" ويلعبون جنبًا إلى جنب وتكون فرصة ليعرفوا بعضهم البعض، بل ويؤكد على ذهاب الإسرائيلين إلى قطر لتشجيع منتخب بلادهم، وتنتقل اللقطة لوجه طفل عربي يبتسم تأثرًا!!
ورغم الصدمة التي أصابت الكثيرين ممن شاهدوا الفيلم التسجيلي، إلا أن بعض الأصوات خرجت تدافع عن هذا المشهد وعن قطر بالتبعية، بأن الأخيرة لها الحق في عمل أي شئ تدعيمًا لملفها وطمعًا في الفوز بالاستضافة!!
هكذا تحول الأمر إلى المبدأ الميكافيللي الشهير: "الغاية تبرر الوسيلة"، والويل كل الويل لمن يفتح فمه ويعترض أو يعارض، فهو سيصبح حاسدًا حاقدًا لفوز الدولة العربية، وربما وُصم بالخيانة كذلك، لكن المشهد صادم ويصيب المرء بالاستياء البالغ والاشمئزاز الشديد من مجرد وضع اسم دولة احتلال كإسرائيل في أمر كهذا والفرحة به كذلك.
الاعتراض حق وليتّهم من يتّهم، فقد أصدر الرئيس الأمريكي أوباما بنفسه تصريحًا ينتقد فيه الفيفا باختيارها قطر لتنظيم كأس العالم، بينما لم تختر الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تتنافس معها. إذن من حقي وحق كل عربي عاش عمره كله حتى الآن يشاهد المجازر الإسرائيلية التي تُرتكب في حق الفلسطينيين، وسط صمت عربي مُهين، أن يرفض ظهور هذا الطفل الإسرائيلي ضمن ملف تقدمه دولة عربية.
لكن الحكومة المصرية أبت تمامًا أن تترك قطر تُتهم بالخيانة والتطبيع وحدها،أين الريادة المصرية؟!
ففي نفس اليوم وقع حريق في حيفا أودى بحياة 40 إسرائيلي مع جملة من المصابين، وهو حادث طبيعي ناتج عن إنقلاب سيارة ترحيلات كما ورد في المواقع الإخبارية. لنفاجأ جميعًا بخبر لا يقل صدمة عن صدمة الملف القطري، وهو أن مصر قررت إرسال طائرة مساعدات إلى إسرائيل!!!
هناك من يقول أن هذه مساعدات إنسانية، وأن الحريق كبير ومن أضخم الحرائق في تاريخ إسرائيل -وهو التاريخ الذي بدأ منذ 62 عامًا فقط!!- ويجب على كل الدول أن تساعد في إطفاء الحريق وإنقاذ الأرواح البشرية التي لا ذنب لها. كلام لا يسعني إلا احترامه وتبجيله والموافقة عليه لولا شيء واحد فقط، أين كانت تلك المساعدات منذ عامين تقريبًا حين كانت الأطفال والنساء والرجال العزّل يموتون في غزة تحت القصف الإسرائيلي والمدافع والقنابل الفسفورية وحصارًا بالحدود المصرية ومعابرها المُغلقة؟!
الحكومة المصرية التي أغلقت المعابر ولم تسمح لأية قافلة مساعدات برية بالمرور، هي نفسها التي تمنح طائرة مساعدات لإسرائيل، وربما أرسلت لها عربات إطفاء من تلك التي تصل بعد انتهاء الحريق بساعة. أمر يجعلك تضرب رأسك بالجدار محاولا فهم طبيعة الموقفين.
هل صارت إسرائيل فجأة حبيبتنا فنفتح أيدينا لها ولمنتخبها بالترحيب بل واللعب معهم جنبًا إلى جنب لنتعرف إليهم -قال يعني مش عارفينهم كويس- وهل صارت دولة عربية شقيقة مؤخرًا فنرسل لها المساعدات الإنسانية بينما لا نرسل ولو علبة دواء كحة واحدة إلى غزة؟!
ربما صارت دولة عربية بالفعل بشكل غير رسمي، بينما الأمر متوقف على أوراق التقديم التي تنقصها دمغة، أو إمضاء الموظف المختص الذي لم يحضر إلى المصلحة بعد، والختم الذي في الدرج المغلق بقفل وهذه الأشياء المعروفة، وهو الأمر الذي عرفت قطر بنفاذ بصيرتها أنه سيكتمل قريبًا، فيحضر الموظف المختص ويُخرج الختم ويمضي الأوراق ويجد الإسرائيليون الدمغة الضائعة، ليصبح الاعتراف بهم ليس فقط كدولة، بل كدولة عربية واقعًا رسميًا، حينها سيكون لها حق اللعب في كأس العالم 2022 بكل سهولة، أما فلسطين فأخشى ألا يتذكرها أحد وقتها.
هناك تعليقان (٢):
ما يثير الغرابة أكثر، ما فعلته تركيا بإرسال طائرات بسماعدات لإسرائيل، دبلوماسية متغيرة تمامًا عن المتوقع لما فعلته إسرائيل بتركيا منذ حادثة إسطول الحرية.
لكن مكافحة تركيا للحرائق لديها غرض عام، على الأقل إثبات أن العلاقات مع إسرائيل قابلة للاستعادة.
لكن ما مبرر مصر؟
لا أعرف بالتحديد. ما مبرر العرب؟ ما سياستهم؟
لا أعرف أيضًا
مقال رائع يا عمرو
جداااااااا
إرسال تعليق