1-
بدأت المظاهرة من أمام مسجد القائد إبراهيم، واتجهت في مسيرات احتشد فيها الآلاف نحو سيدي جابر، وأنا لحقتها مع أخويا أحمد عز الدين عند نفق كامب شيزار على البحر، وانضمينا ليهم من أول هناك..
المشهد كان مؤثر جدًا وأعاد للأذهان ذكرى الأيام الأولى للثورة وكنت بسمع تعليقات بعض الناس المشاركين في المسيرة كالتالي:
- إمبارح كنت حاسس بجو يوم جمعه الغضب
- الجو بيفكرني بيوم المليونية
- مش كنا رحنا ناحية القصر الرئاسي تاني زي آخر مرة
- لما شفت العساكر عند الجامع قلت بس إحنا كده في جمعه الغضب وش
طبعًا يقصد جنود الجيش اللي كانوا متواجدين في سيارات فورد عملاقة مكشوفة ووجودهم كان لتأمين المسيرة ليس أكثر، ولم يتدخلوا في أي شيء مطلقًا..
2-
العدد مكنش زي أيام المسيرات المليونية قبل جمعه التنحي
بس مع ذلك العدد كان كبير.. وشهد حضور مكثف للسيدات والفتيات والأطفال وكبار السن عمومًا
والغالبية العظمى كانت شباب
كان في وسطنا شباب سلفي، كمان وبيهتفوا معانا..
3-
قبل العصر بدقايق كنا وصلنا سيدي جابر ودخلنا من ناحية البحر، ومشينا في الشارع الطويل المؤدي لمحطة القطار، على يمينا المستشفى العسكري، وعلى يسارنا سور قيادة المنطقة الشمالية، اللي كان واقف عليه جنود وظباط بيتفرجوا على المسيرة، وساعتها إحنا هتفنا ضد المشير وضد المجلس العسكري وضد التباطؤ وهتفنا مطالبين بمجلس رئاسي مدني يحتوي على شخصية عسكرية واحدة..
ومن بين الثوار هتف واحد بأن الشعب والشعب إيد واحدة.. أيوه الشعب والشعب مش الشعب والجيش، وتوحدت الحناجر على الهتاف ده اللي كان بيرج الشارع من أوله لآخره..
كنا طول الوقت ده واقفين والمسيرة بتضم علينا من ناحية البحر، والجموع اللي كانت لسه موصلتش، بتوصل
وبعدين صلينا العصر..
4-
المظاهرة كلها توقفت قدام بوابة المنطقة الشمالية العسكرية، من بعد صلاة العصر تقريبًا.. والاعتصام بدأ فعليًا بعد المغرب، وقبل كده كانت هناك محاولات للتحضير للاعتصام..
ليه توقفنا قدام المنطقة الشمالية مش زي كل مرة في محطة سيدي جابر؟
طبعًا لأننا كنا بنهتف المرة دي ضد تباطؤ المجلس العسكري في القرارات..
وكإسكندرانية جدعان رحنا لهم في عقر دارهم وهتفنا..
5-
من أطرف المواقف اللي حصلت اليوم ده، إن في عربية دخلت عكس اتجاه السير
(بمعنى أدق كانت داخلة طبيعي بس إحنا كنا خلينا الشارع اتجاه واحد)
طبعًا الناس شاورت لصاحب العربية عشان يلف ويرجع لأنه مش هيعرف يعدي.. وكانوا محترمين والله وكويسين محدش قاله حاجة.. بس هو نزل من العربية ووقف يبص على اللمة الكبيرة دي كلها، وكنا لسه قبل المغرب والعدد كبير.. فواحد من اللي واقفين سأله:
- في إيه حضرتك؟
الراجل بدأت تبان عليه بوادر العصبية وقعد يقوله بحدة:
- في إيه؟ في إيه؟ في إن دي وساخة وقلة أدب
وقام مشاور على الثوار..
خمنوا اللي حصل له إيه
هو محصلوش حاجة وحشة
محدش مد إيده عليه ولا حاجة، بس تقريبًا اتجمع حواليه ما لا يقل عن خمسين واحد كلهم مستاءين من شتيمته للثوار وعملوا حاجز قدامه عشان ميتقدمش بالعربية، ومنهم اللي زق العربية لورا كمان..
وعرفت وقتها إجابة سؤال: إيه هي قمة الغباء؟
:D
6-
كان في ظباط كتير ما بين رائد لحد عقيد بيقفوا يتكلموا معانا ويسمعونا ويردوا على استفساراتنا.. طبعًا كانوا بيكلمونا من وراء حجاب.. بمعنى أنهم كانوا ورا الأسلاك الشايكة والحواجز البلاستيك والحديد اللي محاوطة مدخل قيادة المنطقة الشمالية..
وإحنا قدام كل المتاريس دي..
الجميل أن الظباط كلهم كانوا محترمين وده مش جديد على الجيش من واقع تعاملي مع نقاط تفتيشه وخلال المظاهرات المختلفة شخصيًا..
وكان في ظابط بيقول أنهم كتبوا كل الهتافات وكل المطالب اللي سمعوها جوه، ومفيش عندهم حاجة بتستخبى.. وهيعرضوها كلها على القيادة، ساعتها إحنا هزرنا بأننا رحنا في داهية يعني خلاص، خصوصًا لو كانوا كمان بيصورونا.. وضحكنا كلنا متظاهرين على ظباط وعساكر..
بعد فترة اتكلمت مع عسكري لقيته واقف باصص في المجهول ولابس قميص واقي من الرصاص وبندقية كلاشينكوف حلوة كده.. بقوله هنسهركوا معانا شوية.. قاللي ياعم براحتكم ما إحنا منكم وانتوا مننا.. أنا قدامي 3 أيام وأخلص الجيش وأنزل معاكم.. رد زميله اللي جنبه إنهم دخلوا الجيش في وقت مهبب وكان زمانهم دلوقتي في المظاهرات كل يوم.. العسكري اللي باصص في المجهول كمل وقاللي: المشكلة أن حد يضرب فينا زي ما ضربتوا في الداخلية
قلت له: استحالة حد من اللي أنت شايفهم دول يضرب فيكم، لأننا كلنا كان لينا تار بايت مع الداخلية من سنين.. واول ما جت الفرصة أخدنا تارنا.. إنما أنتم ناس زي الفل ومشفناش منكم حاجة وحشة حتى الآن..
(طبعًا بتحدث عن المجموعة اللي في إسكندرية)
وبالتالي مفيش حد مننا هيضرب فيكم لأنكم زي ما أنت قلت الأول: مننا
7-
على الأرض فرش الناس شوية حُصر وقعدوا في مجموعات وحلقات، كل حلقة إما بتتناقش في المطالب اللي لسه متحققتش.. ما بين مؤيد ومعارض.. إما كانت حلقات سمر، بيغنوا فيها أغاني الشيخ إمام وأغاني الثورة، أو بيقولوا فيها شعر.. وكان في شاب لفت نظري أنا وصديقي أحمد يحيى، كان بيقول شعر بالعامية قريب من شعر وطريقة هشام الجخ.. كان لذيذ لحد ما بدأ يقول قصايدهشام الجخ نفسها، ساعتها كان بيحاول يقلده عشان كده مكنش على المستوى، بس مع ذلك كان كويس وحبة حبة كانت الحلقة حواليه بتزيد وكل ما يخلص قصيدة الحلقة كلها تصقف له..
في وقت ما كنت قاعد مع أحمد يحيى على رصيف الجزيرة اللي في وسط الشارع، والعربيات بتعدي قدامنا من الطريق المفتوح، وكل اللي فيها إما بيشاور بعلامة النصر.. أو بيبص بفضول.. أو بيحاول يبص قدامه بلا مبالاة.. أو بيبص بقرف..
في شاب وقف قدامنا لما الإشارة كانت مقفولة، ومعاه أسرته وسألنا:
- هو إيه اللي حصل تاني عشان المظاهرة دي؟
أحمد قاله:
- دي عشان حماية الثورة
الشاب ابتسم وقاله:
- أنا مع الثورة على فكرة..
ضحكنا وقلت له:
- فاهمك والله بس إحنا نزلنا عشان البطء بتاع المجلس العسكري
فجأة لقينا راجل كبير كان واقف على الرصيف جنبنا بيقوله:
- إحنا نزلنا عشان جرعة البنج راحت خلاص
ابتسم الشاب مرة تانية وقالنا:
- ربنا يوفقنا كلنا..
8-
الساعة سبعة إلا ربع بالظبط كده.. وفجأة.. من عند الركن الشمالي من بوابة المنطقة الشمالية، لقينا الناس فجأة بيجروا وزعيق وصوت حاجة حديد وقعت على الأرض، تصاعدت برقبتي لفوق كده عشان أشوف في إيه، وأنا قصير نسبيًا عشان كده معرفتش أشوف حاجة.. وطبعًا بقى في هرجلة كبيرة والناس البعيدة اتلمت واللي كان قاعد قام وقف بسرعة، وأنا تيقنت إن في بوادر معركة هتبدأ.. وتهيأت للصعق بالكهربا والشرطة العسكرية والكلام اللي كنت بسمعه بيحصل في التحرير وجامعة القاهرة.. وفي الآخر لقيت الناس اللي هنااااك في وسط المعمعة بتقول مفيش حاجة ياجدعان اهدوا خليكوا مكانكوا.. والحاجز الحديد بس هو اللي كان وقع واللي حصل قبله إن قوات الأمن الشعبي المصري
EPSF
Egyptian Public Security Forces
(ده الشعار اللي كان متعلق على أذرعهم)
أو يعني اللجان الشعبية بمعنى آخر
احتكت مع واحد من المتظاهرين بسبب سوء تفاهم، وطبعًا اللي مش شايف بيفتكر الجيش بدأ يضرب، فيطلع يجري.. ويبدأ التفاعل الانشطاري.. اللي بيجري يخلي اللي يشوفه يطلع يجري هو كمان.. وهكذا..
الحمد لله مجرتش
(H)
9-
وإحنا واقفين وقبل ما نقرر نمشي كان في شباب بداوا يلموا الزبالة والورق اللي على الأرض في أكياس زبالة سودا كبيرة..
وواحد كان ماشي بيعمل استطلاع رأي هل نعتصم ولا لأ.. عن طريق إنه بيشوف كام واحد هيقوله أنامعتصم وكام واحد هيمشي، ويشوف العدد هيكون كافي للاعتصام ولا لأ..
خصوصًا إننا فيإسكندرية كنا بنقول إننا هنعطي مهلة لتحقيق مطالبنا بمحاكمة مبارك والثلاثي الفاسد وتطهير الإعلام، لحد يوم 5 إبريل مدعمة باعتصام يومي.. لو لم تحقق المطالب يبقى هيكون يوم 6 أبريل يوم إضراب عام.. وطبعًا كلنا عارفين قيمة تاريخ يوم 6 أبريل عندنا كلنا :D
وكانت دي نهاية اليوم بالنسبة لي
لمشاهدة بعض الصور من جمعة إنقاذ الثورة
هناك تعليقان (٢):
حلووووو
بس يا رب يجيب نتيجه
إن شاء الله يجيب نتيجة :D
إرسال تعليق