فى ظلال تلك النخلة جلس.. عبث بأصابعه فى التربة المبللة الرطبة
تطلع فى نظرة هائمة إلى الترعة التى تجرى أسفل قدميه
ثم انتقل ببصره نحو الأرض الخضراء على الجهة الأخرى
أخذ يستمع إلى هدير ماكينة الرى الصاخب و خرير الماء المندفع منها.. كم يحبه و يشعر بموسيقى عجيبة لا يفهمها سواه، كلما استمع له و أنصت إليه
ذلك الهدير الذى يعنى بث الروح فى أرض جافة
هبت نسمات عليلة على وجهه فأحس بالانتعاش، ثم ارتطمت برأسه بلحة وقعت من فرعها، فالتقطها مبتسمًا و مسح التراب العالق بها فى جلبابه
هذا رزق من الله أتاه
و ما أحلاه
قربها من فمه و تذوق حلاوتها.. ثم رفع بصره إلى قمة النخلة
البلح قد نضج بالفعل و صار شهيًا و تلك البلحة التى سقطت خير مثال على هذا
تناول نصفها الآخر و شعر بالنشوة
مر طفل صغير ممسكًا بفرع بهت اخضراره يلهو به فى التراب مثيرًا سحب الأتربة و الغبار خلفه، فناداه
إزيك يا واد يا ماجد ؟
الحمد لله يا عم
فاطر يا واد و لا صايم ؟ تلاقيك فاطر
لا يا عم.. آنى باصوم كل يوم و لحد المغرب كمان
براوا عليك يا وله.. أيوه كده لازم تتعود على الصوم من صغرك
تركه ماجد و مضى يعبث بالفرع الذى بهت اخضراره
فقط ليحدث نفسه بحزن
لازمن تتعود على الصيام من صغرك يا وله.. لازمن
ثم ألقى نواة البلحة بأقصى طاقته فى الترعة.. و عاد ينصت لهدير ماكينة الرى التى يحبها
***************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق