دوّر يمكن تلاقي

بحث مخصص

السبت، ١١ يونيو ٢٠١١

لماذا قمنا بالثورة؟



حين وقف الزعيم خلف المنصة، في المسرحية التي تحمل نفس الاسم، قام بإلقاء كلمة غير مفهومة المعنى للشعب، قبل أن يسأل: "لماذا قمنا بالثورة؟" وبعد فترة صمت أجاب: "أنا لا أعلم لماذا قمنا بالثورة.. أنا كنت في الحمام ساعتها"!!

كان المونولوج قمة في السخرية وأثار ضحك المئات ممن كانوا في قاعة العرض، ومن بعدهم الآلاف عبر منافذ العرض المختلفة، إلا أنني وجدت في هذا التساؤل غايتي التي أبحث عنها منذ أيام، وجعلني أقفز صائحًا: وجدتها.. لماذا قمنا بالثورة؟!

صراحة فإن كل ما حولي من أحداث تقع أو أخبار تُنشر -ويتضح زيفها- أو أنباء تُذاع، لا يتعدى كونه إجابات خاطئة للسؤال أعلاه..

نحن لم نقم بالثورة كي يُقتل المصري مرة أخرى على يد "بعض" ضباط الشرطة، الذين لا زالوا يعتقدون أن هذا الشعب يحتاج إلى "تربية" جديدة، انتقامًا مما قام به في الأيام الأولى من الثورة ضدهم، وكأنهم كانوا ملائكة قبل ذلك!!

نحن لم نقم بالثورة لنقرأ خبر مقتل طالب على يد مخبرين بالفيوم، بعد أن انهالوا عليه ضربًا بالشوم!!

لم نقم بالثورة لتتعرض فتياتنا لفحوص عذرية، لا يقر بها أي قانون أو عرف أو شرع في أي مكان.. وإن كان فليس في وجود جنود آخرين، وليس بيد رجل.. وفي النهاية هو أمر مرفوض.. بنات مصر خط أحمر أيها المجلس العسكري..

نحن لم نقم بالثورة كي يعود الأمن المركزي، بمساعدة من القوات المسلحة -تحياتي لليد الواحدة- ليفضوا اعتصامًا أو مظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية، بقنابل الغاز وإطلاق الرصاص، وتوجيه السباب والإهانات للشباب الذين اعتقلوا في هذا اليوم.. وكأننا نشهد مواجهة من مواجهات ما قبل 25 يناير، على سلالم نقابة الصحفيين مثلا!!

نحن لم نقم بالثورة كي تظل هناك أفضلية ما بين مواطن وآخر، لكننا -رغم ذلك- نجد المواطن "محمد حسني مبارك" يرقد في مستشفى فاخر بشرم الشيخ، متلقيًا علاجه وكامل الرعاية الطبية التي يحتاجها، بحجة أن مستشفى السجن ليست جاهزة لاستقباله!

دعك من نفقات العلاج التي يجب على المواطن المذكور سابقًا أن يدفعها، وإن كنت لا أعرف كيف سيدفعها إن كانت أمواله وممتلكاته متحفظ عليها!! لكنني أقول: "دعك منها" لأن وزير الصحة صرّح ذلك التصريح الذي أحب أن أسميه: "خد ربع جنيه وروح العب مع الأسد"، بأن المستشفى ستطالب "مبارك" بنفقات العلاج.. صدق هذا أو لا تصدقه، لكنه حدث!!

هل هذا تطبيقًا لسياسة: العلاج أولا ثم الدفع؟! ماذا؟ سياسة جديدة لم تسمع عنها قبلا؟!.. بالطبع هي كذلك.. لأن العادة جرت أن الدفع يجب أن يكون أولا، بعدها قد يأتي العلاج -وفقًا للطبيب النوبتجي- أو قد لا يأتي!!

والسؤال هنا هو: ماذا عن المرضى في تلك المستشفى "غير الجاهزة" لاستقبال مريض؟! لماذا يبقون هناك إن كانت المستشفى غير ملائمة لعلاج المرضى؟

والسؤال الأخطر: ماذا عن مصابي الثورة الذين يحتاجون للعلاج والرعاية؟ هل ينالونها في مستشفى مثل تلك القائمة بشرم الشيخ؟ وهل تُطبق معهم سياسة الوزارة الجديدة: العلاج أولا ثم الدفع؟ أم هم تعساء الحظ الذين لم يُطبق عليهم القرار بعد؟

نحن لم نقم بالثورة أيها السادة، كي نجد أن المجلس العسكري يتجاهل الشعب ومطالبه، معللا ذلك بأن الشعب قد قال كلمته في الاستفتاء، لكني دعونا نتوقف لحظة ونركب آلة الزمن حتى شهر مارس الماضي.. هل ترون ما أراه؟ بالضبط.. لم يكن الاستفتاء بنعم للمجلس العسكري على الإطلاق!!

لنعد إلى الحاضر إذن ونقول أن هذه ثورة قام بها شعب، والشعب هو من يجب عليه تقرير مصيره، والموكل له بتسيير الدولة خلال هذه الفترة عليه التنفيذ.. هل هذا واضح بما فيه الكفاية؟

مغ ذلك فإننا نقرأ عن استدعاءات من النيابة العسكرية موجهة إلى بعض الإعلاميين، كي يمثلوا أمامها بتهمة غريبة.. هل أنت مستعد لمعرفتها؟ جميل، التهمة هي: انتقاد المجلس العسكري!!! هل قمنا بالثورة كي نتوقف عن انتقاد الحاكم، حتى لو كان حاكمًا مؤقتًا؟ هل نحن حقًا نعيش في زمن ما بعد 25 يناير؟!

لم نقم بالثورة ليتحول النفاق الإعلامي من نفاق مبارك وزبانيته، إلى نفاق المجلس العسكري، وبهدلة الثوار في المقابل.. ولم نقم بالثورة ليظل المواطن المصري غير قادر على دخول أي منطقة في دولته -راجع سيناء وشرم الشيخ- دون أية موانع!

لم نقم بالثورة لنجد المجلس العسكري يتحكم في التليفزيون من جديد، لنرى تلك القصاصة التي تطلب عدم استخدام فيديوهات موقعة الجمل نهائيًا!!

ونقرأ خبر إصدار تعليمات بعدم قول الرئيس المخلوع في التليفزيون المصري والفضائيات المصرية، وبدلا منها فليقولوا: الرئيس السابق!!

هل تخافون على مشاعره إلى هذه الدرجة؟ هل تضايقه كلمة مخلوع؟ إن منعتموها من التلفزيون فإننا في كل مكان سنقول أنه مخلوع.. لا.. بل هو مخلوع وسابق وقاتل وفاسد ومزور وخائن وظالم وسارق ومتكبر ومسجون وإلى ما يشاء الله من أوصاف!!

هل قمنا بالثورة لنعود إلى سياسة التحكم في التليفزيون وتوجيهه بالأوامر والتعليمات؟ ألم تتعظوا من رأس الذئب الطائر؟ والذي كمم الأفواه وسلطها لنفاقه فكانت نهايته؟

أيها الجنرالات، إن كممتم أفواه التلفزيون المصري وفضائياته، فأننا لا زلنا نمتلك ناصية الفيس بوك والتويتر واليوتيوب.. بل والإنترنت كله، فإن أردتم تكميمنا بدورنا فاقطعوا الإنترنت ولنعد إلى نقطة الصفر من جديد..

أعود إلى الزعيم في المسرحية حين قال:

-"هناك بعض الأشخاص يشمبروا لنا.. نحن لن نقبل أي شمبرة بأي حال من الأحوال"..

إذا عرفتم هؤلاء الأشخاص فأخبروني، ثم أجيبوني بعدها على السؤال الحائر: "لماذا قمنا بالثورة؟!" فيبدو أننا كنا -جميعًا- في الحمام ساعتها!!

هناك تعليقان (٢):

غير معرف يقول...

يبدو بالفعل لا أحد يدرى لماذا قمنا بثوره !! ... ربما نوع من التغيير مثلا على ما يبدو !!
ما يحدث من قِبَل المجلس العسكرى كان متوقعا ... أينعم هو حامى الثوره ولكن لا نريد اكثر من ذلك منه وشكرا جزيلا له على كل شىء وكفا كفا !!
أما بالنسبه للاعلام فلا جديد لديه .. نفس أسلوبه ولن يتغير ولن يحترمه الشعب المصرى فى يوم ...الاعلام يحتاج لوقت طويل حتى يكسب ثقتنا فيه مره أخرى .. وقت طويل جدااا

عموما لقد عبرت بقدر كبير عن ما نشعر به الآن .. شكرا جزيلا لك :)

غير معرف يقول...

:)دايما كنت بلاقي نفسي بقول العبارة دي اظاهر لما بحس بالخبص بقولها
كلام جميل ومعبر وأسلوبك لزيز كالعادة
أتمنى لك التوفيق
كيمو

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...