دوّر يمكن تلاقي

بحث مخصص

الجمعة، ٢٥ مارس ٢٠١١

تحت علم لظلوظيا - الحلقة الأولى



هذه القصة كتبتها لأول مرة كمسرحية لفرقة مسرح كلية الزراعة بالإسكندرية، في 2004، ولم نستطع وقتها أن ننجز هذا المشروع، لذلك حولتها قصة على أمل نشرها في مكان آخر، والآن بعد أن قامت الثورة، فقد أصبحت القصة من العصر البائد، والحمد لله أنها لم تتحقق على النحو الذي ستقرأوه بعد قليل.. القصة طويلة نوعًا لذلك قررت نشرها على حلقتين بإذن الله، وهذه هي الحلقة الأولى وأتمنى أن تروق لكم.

تحت علم لظلوظيا

(الحلقة الأولى)

اندفع وزير الأمن داخل القصر الرئاسي بجمهورية (لظلوظيا) الحرة، والقلق بادٍ على وجهه، فاستقبله رئيس الوزراء بقامته الفارعة في بهو القصر، ليقول بجزع:
- الحقني يا سيادة الوزير.. الحقني..
- خير يا معالي رئيس الوزرا؟!.. حصل إيه؟!
- الرئيس.. رئيسنا يا معالي الوزير في خطر..
- مين اللي جرؤ على تهديد أمن ومتانة وسلامة الرئيس؟!
قالها مستلا مسدسه وملوحًا به في جميع الاتجاهات، لكن رئيس الوزراء قال:
- مفيش حد يجرؤ أساسًا يعملها.. بس المرة دي اللي قدر يعملها هو المرض..
- غريبة.. أول مرة أسمع عن تنظيم إرهابي بالاسم ده..
- يا معالي الوزير بقولك المرض.. فخامة الرئيس مريض.. والدكتور عنده جوه بقاله ساعة ولسه مطلعش.. المرة دي الحالة خطيرة..
- بيني وبينك دي حاجة عادية.. مش غريب إنه يكون مريض.. ما أنت عارف هو عنده كام سنة..
- هسسسسس.. إيه يا بنى آدم.. الحيطان ليها ودان.. واليومين دول ليها مناخير وعيون.. أنت عاوز تتشال في التعديل الوزاري اللى جاي ولا إيه؟!
- معاليك ناسي إن المناخير والعيون والودان دي من اختصاصنا ولا إيه؟!.. على العموم أنا هسكت.. مش عاوز ألعب في عداد كرسي الوزارة..
- المهم دلوقتي.. هنعمل إيه في الكارثة دي؟!
- أنا بقول نستنى لحد ما الدكتور يطلع، ساعتها نعرف منه الحالة خطيرة أد إيه؟!
أخذ رئيس الوزراء يدور في أنحاء البهو وقد وافق على الاقتراح العبقري لوزير الأمن، باديًا على وجهه التفكير العميق والهم الذي ألقي على عاتقيه، ثم توقف فجأة حينما برز الطبيب هابطًا درجات السلم الرخامى، فهرعا سويًا إليه، قبل أن يسأله رئيس الوزراء بلهفة:
- خير يا دكتور.. طمنى وحياة والدك.. فخامته عنده إيه؟!
- الصراحة مش عارف..
أمسك وزير الأمن بتلابيبه هاتفًا:
- نعم يا أخويا؟!.. يعني إيه مش عارف؟! هو أنت دكتور ولا سبّاك؟!!
اتسعت عينا الطبيب في رعب، وهو يهتف مرتجفًا:
- دكتور يا باشا وحياتك، بعدين لو أعرف أقول على طول.. أنا بقالي ساعة بحاول.. في الأول كشفت على اللوز.. طلع شايلها من الابتدائية.. الجيوب الأنفية سليمة.. كشفت على عينيه، أى نعم نظره شيش بيش، بس مركب لينسيس وفل الفل.. قلت يا واد يا دكتور يمكن صدره هو اللي تعبان.. كشفت عليه، لقيته كويس.. قست نبضات قلبه، لقيتها معقولة.. رغم إنها بمعدل تلات نبضات فى الدقيقة.. بس شغالة.. قست ضغطه، لقيته يمشيه لحد آخر الشهر..
صاح به رئيس الوزراء في غل:
- مالك محسسني إنك بتتكلم عن موتور سخان؟!!.. إيه الحاجات الغريبة اللي بتتكلم عنها دي؟!
- أديك قلتها.. وغلاوتك يا بيه أنا كنت عامل زيك كده جوه.. بس أنا فضلت وراه عشان أعرف السبب.. كشفت على الأمعاء الدقيقة والغليظة لقيتها سليمة، المعدة شغالة هضم مية مية وكانت هتهضمني لولا لحقت نفسي.. حتى القصبة الهوائية عشرة على عشرة.. قمت نازل على الـ.....
قاطعه وزير الأمن بسرعة وحسم صائحًا:
- حيلك حيلك.. رايح فين تاني.. دى أسرار دولة يا باشمهندس..
- أنا دكتور حضرتك..
- كله محصل بعضه.. المهم دلوقتي هو عنده إيه؟!
- تاني يا باشا؟! أنا حاولت أعرف بس مفيش فايدة.. أنا من رأيي تعرضوه على دكتور..
- نعم؟! أمال سيادتك إيه؟! فالح بس ترد وتقول أنا دكتور أنا دكتور؟!!
- مش قصدي يا فندم، أقصد يعني دكتور متخصص.. ويستحسن يكون أجنبي كمان..
- طيب.. زق عجلك أنت.. دورك انتهى..
وما إن غادر الطبيب، حتى صاح رئيس الوزراء:
- حتى الطب فشل.. والعمل إيه دلوقتي؟!
هم وزير الأمن بإجابته، لكن كبير الياوران ظهر فجأة أعلى السلم الرخامي صائحًا:
- فخامة رئيس جمهورية (لظلوظيا) الحرة..
اعتدل الوزيران بسرعة رهيبة، واتخذا وضع الانتباه، بينما ظهر الرئيس مستندًا إلى ذراع خادمه، وقد بدا الإعياء واضحًا على وجهه، فأسرع رئيس الوزراء بالصعود لأعلى يتبعه وزير الأمن، صائحًا:
- ألف سلامة على صحة فخامتك..
- صحة إيه يا سيادة اللوا.. ما خلاص كله راح..
قال رئيس الوزراء بحماسة:
- مفيش حاجة راحت يا فخامة الرئيس.. كله تمام.. ده أنا عمرى ما شفت صحة فخامتك بالجمال ده من خمسة وخمسين سنة..
تنهد الرئيس وشرد ببصره قائلا:
- يااااه.. هما وصلوا خمسة وخمسين سنة؟! عدوا في لمح البصر.. كأني لسه ماسك الحكم إمبارح.. ساعتها استدعانى فخامة الرئيس إ............، هو كان اسمه إيه الرئيس اللي قبلي؟!
تنحنح رئيس الوزراء، وأجاب:
- إحم.. والله فخامتك أنا موعتش عليه..
- طب ما تشوف اسمه في كتب التاريخ يا أخي..
- إنجازات فخامتك غطت على كل التواريخ الهامة ومبقاش في مكان في (لظلوظيا) لكتب تانية..
- ما علينا.. كنا بنقول إيه؟!
- كنا بنقول يوم ما مسكت معاليك الحكم..
- أيوه صح.. يخرب بيت ذاكرتك الحديدية..
- دماغي كلها فداك يا ريس..
- لا خليهالك بس يبقى هاتلي دوا عدل للزهايمر اللي عندي ده.. المهم.. يومها استدعانى فخامته، وقاللي إن (لظلوظيا) محتاجة شاب كفاءة يخدمها صح.. ومات تاني يوم.. كان عنده حصبة ألماني بعيد عنكم.. ومسكت أنا الحكم..
- قصد فخامتك إن الحكم اتشرف بيك..
- أيًا كان.. المهم أني بقيت رئيس (لظلوظيا)، وبدأت أعمل كل اللي حلمت بيه للبلد.. أهم حاجة إني أجرت أوضة بمنافعها في هيلتون (لظلوظيا) وقضيت يومين عسل.. آآآآآآآه.. يا ليت الشباب يعود يومًا..
لاحظ رئيس الوزراء نظرة الحزن في عيني الرئيس فأسرع يقول:
- سيادتك حققت أعلى معدلات الرخاء للشعب اللظلوظى.. وفي عهدك المجيد قلت معدلات البطالة للنصف.. اللي مش بيشتغل يا إما بيتسجن على طول وأهو وزير الأمن يقولك السجون مليانة أد إيه بالعيال العواطلية.. أو يروح يدورله على بلد تانى تشغله إحنا كفاية علينا علمناه وصرفنا عليه دم قلبنا، بالتالي مبقاش في حد مبيشتغلش..
هنا قال وزير الأمن مزايدًا:
- فعلا معاليك.. حتى السجون المليانة مبقاش فيهم عواطلي واحد.. كلهم ما شاء الله بيشتغلوا وبيكسروا في الجبل ليل نهار.. ده غير إن فترة حكم فخامتك شهدت أمن وأمان تام.. فخامتك أقل رئيس لظلوظي يتعرض لمحاولات اغتيال.. ستة وأربعين محاولة اغتيال بس.. غير اللي أحبطتهم الوزارة في السر، وده دليل على حب الشعب لفخامتك..
رفع الرئيس أحد حاجبيه متسائلا:
- شعب؟! تقصد أي شعب فيهم؟!.. أنا عدت عليا شعوب كتير..
- كل أجيال لظلوظيا حبتك وبتحبك وهتحبك على طول..
عاد رئيس الوزراء يقول:
- كمان مكانة لظلوظيا العالمية تطورت كتير على إيدين فخامتك.. نظرة على حدودنا السياسية، أي نعم هي تقلصت بعض الشىء، بس ده في سبيل أمن لظلوظيا، ومكانة البلد في المحافل الرسمية.. حتى إن تقرير الجمعية التعاونية يؤكد على ازدياد شعبية فخامتك، واكتساحها لشعبية الرئيس الأمريكى..
ظهر الرضا على وجه الرئيس وهو يقول:
- فعلا فعلا.. تقارير الجمعية التعاونية دايمًا ممتازة، زي اللحمة بتاعتها.. بس أنت تقصد أي رئيس أمريكي؟! أنا عدى عليا رؤساء كتييير..
- مش هتفرق فخامتك.. كفاية إن مفيش حد فيهم استمر في مكانه زي فخامتك..
قال الرئيس:
- فعلا.. عندكم حق.. حيث كده بقى، يلا بينا نفتتح المشروع القومي لتلوين بيض شم النسيم..
تبادل الوزيران النظر، قبل أن يقول وزير الأمن بارتباك:
- إحم.. خلي فخامتك مستريح، وإحنا نبعت وزير التلوين يفتتحه بالنيابة عن سيادتك..
نظر له الرئيس في شك قبل أن يقول:
- طب أروح المسرح أحتفل بأعياد الانتصار الكبير..
ضحك رئيس الوزراء كأن الرئيس قال دعابة، وقال:
- ملوش لزوم فخامتك.. وزير الجيوش هيروح بدال سيادتك..
هنا صاح الرئيس فجأة:
- جرى إيه يا وزير منك له؟! إنتوا بتطرقوني ليه؟! إنتوا عاملين انقلاب ولا إيه ؟! لا يا حبيبي أنت وهو.. مش أنا الرئيس اللي يتعمل عليه انقلاب..
أسرع وزير الأمن يدرأ عنه التهمة في جزع قائلا:
- لا لا لا إطلاقًا.. كل ما فى الموضوع إننا عاوزين فخامتك تستريح.. الراحة دلوقتي أهم لمستقبل لظلوظيا..
لكن الرئيس كان قد استبد به الغضب، فصاح مجددًا:
- أنا زي الفل.. زي الحديد.. إذا كان في حد في لظلوظيا عاوز الراحة يبقى مش أنا.. إنتوا فاهمين.. مش أنـ............
بتر عبارته فجأة وقد احتقن وجهه، فأسرع خادمه يسنده، فهتف به رئيس الوزراء على الفور:
- ارجع بيه بسرعة يا (سليم).. واتصل بالدكتور ييجي بسرعة..
قالها، ثم التفت إلى وزير الأمن مكملا:
- إحنا لازم نعقد اجتماع لمجلس الوزرا حالا..
لكن (سليم) ما لبث أن عاد بوجه شاحب ممتقع ليقول:
- البقاء لله.. رئيسنا المحبوب مات..

***********

استقر رئيس الوزراء على مقعده في قاعة اجتماعات مجلس الوزراء، ونظر في وجوه الوزراء المجتمعين، قبل أن يقول:
- أنقل لكم ببالغ الأسف نبأ موت رئيسنا المحبوب النهاردة الصبح..
هنا صاح كبير رجال الدين وهو يرفع وجهه ويديه للسماء:
- رحماك يا إلهى.. عين وصابت لظلوظيا، يا شماتة أعداء البلد فينا.. اللهم أرحم رئيسنا الفقيد.. وأسكنه فسيح جناتك، واغفر له الذنوب جميعًا.. قولوا آمين..
- آآآآآآآآآآآآميييييييين
هتف رئيس الوزراء فى حدة:
- يا مولانا.. يا مولانا عاوزين نفكر في الكارثة اللي إحنا مقبلين عليها دي..
- استغفر الله العلي العظيم.. يعني بلاش ادعي لفخامته؟!
- ادعي يا سيدي محدش قال حاجة.. بس لازم نعمل حاجة جنب الدعاء، مش كله بالكلام يا مولانا.. ولا إيه رأيكوا يا رجالة؟
قالت وزيرة العلم ببعض الاستنكار:
- إيه رجالة دي؟! أنت مش ملاحظ وجود الجنس الناعم معاكم هنا ولا إيه؟! ولا أنت مش من أنصار المرأة؟! ما علينا.. ألف رحمة ونور على الريس..
رمقها رئيس الوزراء بنظرة نارية، قبل أن يتابع متجاهلا إياها:
- والمشكلة دلوقتي إننا مش عارفين نعمل إيه؟! إحنا لايصين يا جماعة.. دي كارثة محدش جربها قبلنا خالص..
صاح كبير رجال الدين:
- نوزع لحمة على الغلابة رحمة ونور على روحه.. تبقى صدقة تشفعله في آخرته..
- يا مولانا اهدى شوية.. أنت مش مقدر الكارثة اللي إحنا فيها.. بعدين لظلوظيا مفيهاش غلابة على فكرة.. دي كلها أقوال مغرضة..
هنا هتف وزير الصحة بعبقرية مفاجئة:
- يبقى ندفنه طبعًا مفيش حل تاني.. أنا هستخرج كل الأوراق المطلوبة في أسرع وقت ممكن، إكرام الميت دفنه وده مش أي ميت..
كادت دموع القهر أن تفلت من عيني رئيس الوزراء وهو يقول بصوت باكٍ:
- يا جماعة بقولكم نعمل إيه في البلد اللي بقت من غير ريس دي.. تقولولى نوزع لحمة على روحه وندفنه.. أمال هنخلله يعني؟! ما تقولي يا وزير العدالة.. الدستور بينص على إيه في الحالة دي؟!
- الدستور؟! الصراحة معرفش..
- لا بقى.. ده إنتوا عاوزين البلد تفقدني أنا كمان.. مش عارف الدستور بيقول إيه يا وزير العدالة؟
- أيوه معرفش.. الدستور مفيهوش احتمال غياب الرئيس ولو حتى كان.. إحم.. بيستحمى..
- وإزاي مجاش في بالك الاحتمال ده وأنت بتكتبه..
- فخامته هو اللي كان بيكتبه مش أنا.. أصله كان بيهوى التأليف في صغره.. كان موهوب..
ساد الصمت والوجوم يبدو على وجوههم، قبل أن يقول وزير الجيوش في قلق:
- لازم نلاقي حل.. أعداءنا متربصين بينا على حدودنا الشرقية والغربية والجنوبية، ولو شموا خبر إن رئيسنا مات مش هيسموا علينا.. هيقرقشونا بدباباتهم وطيرانهم..
قال رئيس الوزراء:
- واشمعنى الحدود الشمالية هي اللي رايقة يعني؟!
- جيشنا كله هناك على الساحل بيصيف زي كل سنة..
هنا قال وزير الأمن:
- يبقى الحل الوحيد إننا نلاقي رئيس جديد قبل ما نعلن وفاة الرئيس فعليًا..
- بس الدستور بيقول......
- يقول زي ما يقول.. إحنا في حالة طارئة.. والدستور كده كده هيتعدل لما يمسك البلد رئيس جديد..
هنا يقول وزير المدارس:
- طب ما حد مننا يمسك الحكم في الفترة دي!!
لكن رئيس الوزراء أجابه:
- يا راجل ده إحنا مش عارفين نحكم وزاراتنا كويس يبقى هنحكم البلد؟! لازم نشيّل البلوة دي لحد جديد.. بس إزاي؟!
فرقع وزير الصحف بأصابعه، ثم قال:
- لقيتها.. إحنا ننزل إعلان في الجرايد نطلب فيه خمسة ستة كده علشان منصب قيادي هام.. من غير ما نعلن طبعًا عن طبيعة المنصب.. واللي يتقدم نواجهه بالحقيقة ويدخل في الاختبارات اللي هنحددها..
يفكر الجميع فى اقتراحه، قبل أن تنفرج أسارير رئيس الوزراء ليقول:
- جدع يا معالي الوزير.. بقالك فترة ما أبدعتش حاجة زي كده..
- ما هي العبقرية بتظهر وقت الشدائد بس..
- خلاص يا جماعة.. من بكرة الجرايد الوطنية كلها تنزل الخبر اللي هنتفق على صياغته دلوقتي في صفحتها الأولى.. انفض الاجتماع..
هنا صاح رجل الدين:
- استنوا.. نسينا يا جماعة أهم شىء..
التفتوا له جميعًا، فأضاف بخشوع:
- الفاتحة لروح فخامته..

***********

تستكمل في الحلقة الثانية إن شاء الله

هناك تعليق واحد:

samourai 4 ever يقول...

انا على احر من الجمر عشان اعرف اية حصل بعد كدة؟
بس اية الاسم الجامد دة
لظلوظيا
هههههههههههههههه
عليك اسامى

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...