يوم الأحد الموافق العاشر من فبراير كانت مصر كلها على قلب رجل واحد فى البيوت و المقاهى و المحلات، بينما كانت مباراة المنتخب المصرى و منتخب الكاميرون على نهائى كأس الأمم الأفريقية..
كان الجميع (محبين و لا محبين لكرة القدم) يتابعون المباراة إما مباشرة عبر القنوات الرياضية المختلفة، أو عن طريق الإذاعة، أو عن طريق تناقل الأخبار.. و قد كنت من الفئة الأخيرة.. كل فترة أسمع تهليلا فأهرع لسؤال الحلاق المجاور لى عن النتيجة، فأجده يجيبنى بوجه محمر انفعالا: لسه.. لسه.. فأعود لمكانى و قد انتقلت لى موجة التوتر و الانفعال منه..
حتى وجدت المنطقة ترتج حين أحرز المنتخب هدفه الوحيد بالمباراة، و وجدت الحلاق يجلس فى أرضية محله و كأنه من أحرز الهدف رافعًا قبضتيه لأعلى و صيحته تكاد تشرخ المرايا التى تغطى جدران المحل..
و رغمًا عن اجتاحتنى الفرحة العارمة و قفزت إلى الكمبيوتر لأخبر كل من أحدثه فى هذه اللحظة أن المنتخب أحرز هدفًا، و شاء القدر أن أهبط من منزلى بعد نهاية المباراة لاسقبال صديق لى على محطة القطار.. لأشاهد مظاهر الاحتفال فى الشوارع و ارتفاع علم مصر فى أيدى الشباب و على وجوههم و على زجاج السيارات بدءًا من السيارات الملاكى، مرورًا بالسيارات الأجرة و الميكروباصات، بل و حتى الترام الأزرق السكندرى الشهير لم يسلم من ذلك..
و بينما أقابل صديقى فى المقهى المجاور للمحطة - فقد تاخرت عليه نظرًا للزحام و توقف الطريق - كنت أرى فى الوجوه فرحة و أملا فى شىء أبعد.. حيث سمعت اثنين يتحدثان عن فرصة المنتخب فى التأهل لمونديال كأس العالم بجنوب أفريقيا..
لم يكن هذين فقط هما من تحدثا عن ذلك الحلم، بل لقد انطلق فى كل البرامج التحليلية و صفحات الجرائد فى الأيام التالية، و الكل يتحدث عن حلم الصعود لكأس العالم و المشاركة فى المونديال.. فقط..
لم أسمع طوال تلك الفترة من يقول: يمكننا الفوز بكأس العالم.. بل أن هناك تصريح من أحد مسئولى الفيفا، يشيد بقوة المنتخبات الألإريقية فى هذه البطولة لكنه يرى أن تلك القوة ليس معناها أنه يمكنهم الفوز بكأس العالم..
طبعًا لم أفهم من كلامه إلا أن كأس العالم بطولة محجورة على الأوربيين و البرازيل، و هو الكلام الذى لا يعقل، حيث أن كرة القدم لا تعترف إلا بالفائز..
هذا نقلنى إلى التفكير فيما كان يقال قبل بطولة كأس الأمم الأفريقية من أن المنتخب لن يصعد أبعد من الدور الأول، و لم أفهم لماذا لأننى لست من المهتمين بالكرة إلا نادرًا..
هذه التصريحات أثارت بداخلى كم كبير من التساؤلات.. لكننى أدركت أننا لا نعرف كيف نحلم.. سقف الحلم لدينا منخفض للغاية.. بالرغم من أن الأحلام لا رقيب عليها، و أنها الخطوة الأولى لتحقيق الأفكار فى عالم الواقع.. لكننا مع ذلك نفرض قيودًا على أحلامنا و لا نقوى حتى على تخيلها محققة..
لم أسمع منذ فترة طويلة من يتحدث عن الفوز بكأس العالم، بل لم أسمع مطلقًا.. لكننى أعرف أن أقصى حلم يتحدث عنه الجميع هو المشاركة فى المونديال و كفى.. و كأننا حين نصل للمونديال سنجد على الشاشة كلمة النهاية كأى فيلم عربى يحترم نفسه، و نغادر قاعة العرض فرحين بالنهاية السعيدة..
فى الحياة أجد صديقى (و هو هنا شخصية اعتبارية ينضم تحتها لواء من الأصدقاء) يحلم بالارتباط بالفتاة التى يحبها.. فقط.. ماذا بعد ذلك ؟! لا يوجد.. لا حلم إلا الارتباط بها..
صديق آخر يحلم بالالتحاق بمهنة معينة.. بكلية معينة..
و كأن هذا هو أسمى هدف و قمة المنتهى..
لماذا إذن تسمى تلك الأحلام أحلامًا ؟!
لماذا نضع القيود حول أحلامنا كما نضع القيود حول واقعنا ؟!
لماذا لا نفكر فى الفوز بكأس العالم، و نفكر فقط فى ما سيجلبه علينا هذا من سخرية و اتهام بالإغراق فى التفاؤل ؟!
لماذا لا يحلم كل منا بالوصول لهدف ربما يكون صعبًا للغاية أو مستحيل ؟!
فى أحد الأيام وكنت لم ألتحق بالكلية بعد، سألت والدى: أمن الممكن أن أصير وزيرًا يومًا ما ؟!
فأجابنى: و لماذا لا..
ساد الصمت للحظة، ثم سألته مرة أخرى: و ماذا أفعل كى أصير وزيرًا ؟
لكنه لم يجد إجابة معينة، ربما لأنه لا يعرف.. أو لأنه وجد أننى أشطح بالخيال نوعًا ما..
لكننى بادرته بسؤال جديد: هل من الممكن أن أصير رئيسًا للجمهورية ؟
و كانت إجابته ضحكة كبيرة جدًا.. لا أعرف هل هى سخرية من السؤال.. أم من الحلم.. أم من المستحيل الذى لن يمكننى تحقيقه..
أما انا فكنت أفكر.. لماذا لا أرفع سقف حلمى إلى هذه المرتبة.. لماذا لا أفكر أن أكون رئيسًا للجمهورية ؟
لماذا لا أفكر أن أفوز بنوبل فى الآداب أو العلوم ؟
لماذا لا يفكر صديقى فى منتهى حلمه ؟
لماذا لا نرفع سقف حلمنا إلى مالانهاية، و لا نضع القيود حول أحلامنا ؟
حتى الآن لم أجد إجابة لهذه التساؤلات.. و الإجابة دائمًا أننى مغرق فى الخيال.. و متفائل زيادة عن اللزوم !!
هناك ٥ تعليقات:
حلوة المقالة تنفع ف التمية البشرية :)
اممممممممممم كلام كبير اوى يا عمرو و انت فعلا عندك حق فى كل لكمه انت قلتها بس انا رائى انا من كتر ما الشعب مهو متقيد فى الحقيقه فهو تلقائى بينقل القيود دى فى احلامه لانه حاسس انه مهما على باحلامه فهو عمروه ما حيوصلها فهو بيمشى على ان رحم الله امرء عرق قدر نفسه و الانسان دة جواه قدرات كبيرة جدا جدا
و فعلا لو يعرف قيمه نفسه
حيكبر اوى اوى
و احلامه حتعلى اوى اوى
و اكيد حيحققها
و بصراحه انا معاك فى كل حاجه انت قلتها
و بردوه بفكر فى نفس التفكير
انا مش بس حلمت انى ابقى رئيسه جمهوريه
بل انا تخيلت حيبى شكلى ايه و حعمل ايه
بس دة و انا صغيرة
دلوقتى عندى احلام اعلى من انى ابقى رئيسه جمهوريه و متسالنيش عليها
و كفايه كدة احسن يحصلى زى
سخموووووووى
و اللع اعلم
و دمتـــــــــــــــــــــــــــــــم
صديقى أحمد منتصر:
عاش من شافك و أشكرك على تعليقك.. بس لسه بدرى علينا التنمية البشرية دى :)
ساموراى :
ردك أوحالى بمقال تانى، هاكتبه قريب و هتعرفى ساعتها..
و فعلا القيود حوالينا فى كل حتة لحد ما وصلت للأحلام كمان.. و كأن ده اللى ناقص..
شكرًا على ردك :) و دمتــــــــم
دة تصريح انا اعتز بيه
و ححطوه فى علبه كدة و اشيله فى صومعه افكارى المهمه
و دمتـــــــــــــــــــــــــم
آخر جملة في الموضوع خطأ يا عمرو
متفاءل أكثر من اللازم وليس زيادة عن اللزوم . عامية مع فصحى كده ماينفعش.
اييييه مالك
هتقولي انت جايه تشتغلي هنا مصحح لغوي هقولك اه عندك اي مانع ؟؟؟
الموضوع عجبني لأنه رؤية شخصية ليك ولو اني ماليش في الرياضة دي
لكن عن تحقيق الحلم والخيال الشاطح أنا من الناس اللي بتؤمن ان لازم حلمنا يكون على قدنا . يعني لا تشطح لا تشطح ياولدي . لأن خيبة الأمل وحشة . عن نفسي امنيتي الوحيدة اني ........ لا لا دي اسرار
إرسال تعليق